الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

مهزلة فى قاهرة عبد المعز


مهزلة فى قاهرة عبد المعز يوم عاشوراء

كتبها : ناصر مصر                                   يوم الثلاثاء الموافق : 6/12/2011

منذ عدة سنوات تأتى مناسبة الانتخابات كفرصة لأعضاء لجان الانتخابات من موظفين معدومى الدخل ومعلمين ليس لديهم فرصة لإعطاء الدروس الخصوصية وقطاعات أخرى من العاملين بقطاعات الدولة لا تجمعهم إلا صفة واحدة هى تعرضهم للظلم الشديد وتدنى مستوى دخلهم دون أقرانهم فى القطاعات المحظوظة فى الدولة وهى أبرز مساوئ نظام المخلوع الذى تعمق فى الفساد ووضع الجميع فى ظروف تدفع إلى الفساد إلا من رحم ربى – وفى مناسبة الانتخابات تتاح لأعضاء هذه اللجان فرصة الحصول على مبلغ 370 جنيها ومثلها فى حالة الإعادة نظير جهودهم فى تسيير عمل هذه اللجان رغم المعاناة الشديدة والمهانة التى يتعرضون لها أثناء التجمع قبل العملية الانتخابية وبعدها .
وجاءت المرحلة الأولىلانتخابات مجلس الشعب 2011 كأول انتخابات حرة نزيهة بعد ثورة يناير وصاحبها ضغط شديد على أعضاء هذه اللجان نتيجة للأعداد الهائلة للناخبين الذين توافدوا على اللجان الانتخابية فى ظاهرة لم تحدث فى مصر فى أى انتخابات سابقة مما أدى إلى مد فترة التصويت فى اليوم الأول رغم قرار إجراء عملية التصويت على يومين بدلا من يوم واحد .
وكانت عملية الفرز شاقة للغاية ومنهكة واستمرت قرابة 24 ساعة بلا طعام أو شراب مما أدى لتذمر أعضاء اللجان نتيجة انتشار الشائعات عن قلة مبلغ المكافأة فما كان من المستشار رئيس لجنة الفرز إلا أن قام بتهدئة أعضاء اللجان وصرح بأن مبلغ المكافأة سيكون ألف جنيه لكل من شارك فى العملية الانتخابية وأكد صحة هذا الخبر نشره فى فنوات تلفزيونية عديدة وأطمأن أعضاء اللجان رغم أنهم يعلمون أن مابذلوه من جهد يساوى أضعاف هذا المبلغ .
وعندما توجهوا للأحياء لصرف المبلغ ثارت ثائرتهم لأنهم وجودا أن المبلغ لا يجاوز 500 جنيه وتلقفت بعض وسائل الإعلام ثورتهم لكن الأمر انتهى دون أى توضيح من أى مسئول كالعادة .
وكغيرى من زملائى تسلمت خطابا للتجمع لمرحلة الإعادة يوم عطلة السبت حيث تم التصريح بأنه سيتم تخفيض عدد أعضاء اللجان وسيكون الباقى احتياطيا وسيحصل الجميع على مبلغ الألف جنيه حتى بالنسبة للدوائر التى ليس بها إعادة وبدأت عملية التسكين الشاقة وتسليم بطاقات الرقم القومى والتى انتهت بعد عصر يوم السبت وتنبه علينا بالحضور الساعة الخامسة فجر الإثنين أما أعضاء لجان البساتين وحلوان (الذين ليس لهم إعادة) فتنبه عليهم بالحضور الساعة السابعة صباح الاثنين .
تحركت من محل إقامتى الساعة الثالثة ونصف صباحا نحو مقر التجمع لأصل الساعة الخامسة فجرا وكان الجميع متواجدين وغادر الأعضاء الأساسيين وبقينا كاحتياط حتى حضر رئيس الحى فى الضحى ليأمر الجميع بالانصراف حيث وردت تعليمات مساء بذلك ولن يكون هناك 500 جنيه أخرى .
بدأ أعضاء اللجان فى التذمر فما كان من رئيس الحى إلا أن قال أنه تقدم باستقالته (ربما خشى أن يمسه ضرر جراء هذا الموقف الملتهب ) وقام الثائرون بقطع الطريق وحضرت الشرطة العسكرية والأمن وأقنعوهم بفتح الطريق وأخبرنا نقيب الصاعقة أنهم أبلغوا عمليات القوات والمسلحة وعلينا الانتظار – وكانت هناك كاميرات تسجل الحدث قيل أن بعضها خاص بالشئون المعنوية للقوات المسلحة .
الساعات تمر وأذان الظهر يغطى على الأجواء – إحدى السيدات من أعضاء اللجان تصيح فى الباقين ( تحسبنوا ) – الشفاه تتمتم مع الأذان .. حسبنا الله ونعم الوكيل – ضابط الشرطة يقول أن على العضو الثالث التوجه للجنته والرابع يرحل حسب الترتيب الذى لا يعلمه معظم الحاضرين – الفوضى تسود – الكل يلعن الفلول – أحدهم يصيح (لم يحدث هذا أيام مبارك ) الصياح يشتد ( حرامية – حرامية ) منفعل يقول : حتى الإخوان لن يصلحوا – هذه العصابة التى تحكم لن يقدر عليها إلا السلفيين ليقطعوا أيديهم وأنا لا أؤيدهم ولكنكم ترون مايحدث – لماذا أتوا بنا يوم العطلة ولماذا أخرجونا من بيوتنا بعد منتصف الليل ولماذا كذبوا علينا ولماذا خدعونا – وجدت نفسى وأنا من مؤيدى ميدان التحرير أخاطب الثائرين : أليس شباب التحرير على حق أليست الفلول واللصوص مازالت تحكم – ردد الثائرون : نعم نحن مدينون لهؤلاء الشباب فى كل شئ وما من شئ تحقق إلا بدمائهم .
يصرح البعض لوسائل الإعلام لماذا يتقاضى القاضى أو وكيل النيابة ستة آلاف جنيه يوميا ، 350 مصروف جيب يومى ألسنا بشر ، ألسنا من نقوم بكل العملية ، تصيح إحدى السيدات : لقد توفى عضوين من اللجنة 85 ، 86 يوم السبت إثر حادث سير وهما فى طريقهما لمقر التجمع قادمين من 6 أكتوبر ولم يؤمن أحد علينا كالقضاة بمليون جنيه أو حتى ألف جنيه .
مسئول الحى يأتى ببطاقات الرقم القومى وخطابات بتواجدنا اليوم بمقر التجمع وزحام عجيب فى فوضى شاملة وكأنه يتم توزيع هدايا مجانية وليس بطاقات رقم قومى .
قبل أذان العصر شعرت بتأثير شمس الشتاء الساخنة على رأسى فقررت الرحيل عائدا لبيتى حيث أننى كنت صائما فى هذا اليوم ( يوم عاشوراء ) .
فى المنزل وفى التليفزيون مؤتمر صحفى لعبد المعز رئيس لجنة الانتخابات يصرح كيف أدفع 500 جنيه لهؤلاء بلا عمل -  أرد عليه بغضب ولماذا دفعت 500 جنيه للأعداد الكبيرة التى كانت بمقر التجمع كاحتياط مثلنا تماما دون عمل وقت أن كنا على وشك الموت فى لجان الفرز 24 ساعة كاملة بلا طعام أو شراب ولماذا .. ولماذا – أقوم بإغلاق التلفزيون قائلا حسبنا الله ونعم الوكيل – مخادعون – كاذبون – فعلا فلول .